الامام الشافعي هو ثالث الائمة الاربعة عند اهل السنة والجماعة وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الاسلامي ومؤسس علم اصول الفقه وهو ايضا امام في علم التفسير والحديث وحجة في اللغة العربية والادب العربي كان له اسهامات كبيرة في الفقه الاسلامي والادب العربي ولد عام ١٥٠من الهجرة الموافق ٧٦٧ء في غزة على الاشهر وتوفي عام ٢٠٤ من الهجرة الموافق ٨٢٠ ء في القاهرة بمصر فتوفي وهو يناهز اربعة وخمسين عاما ولكنه خلف اثارا علمية ومآثر ملموسة في الفقه والتفسير والحديث والادب العربي. واني في هذا البحث الموجز استعرض جانبا مهما من حياته الا وهو شعره مقارنا بينه وبين الشعر الجاهلي كما قرر اعضاء مجمع الامام الشافعي العالمي ان تكون دراسة مقارنة بينه وبين الشعر الجاهلي فاخترت لي هذا الموضوع واني لم ادخر وسعا في كشف هذا الجانب غير انني لم اتمكن بتغطية هذا الجانب من حياته بشيء ضئيل فضلا عن الجوانب الاخرى. فلله الحمد اولا وآخرا.
اخذه العلم والادب ورحلاته الى البوادي
نهل الامام الشافعي العلم من موارده حفظ القران الكريم من الكتاب ثم اشتغل باللغة العربية والادب العربي ذكر ابو نعيم بإسناده الى الشافعي يقول كنت أمرأاكتب الشعر فآتي البوادي فاسمع منهم فقدمت مكة فخرجت منها وانا اتمثل بشعر لبيد .
فقد اشتهر بين الناس ان الامام الشافعي لزم هذيلا فقط واخذ عنها اللغة العربية والادب العربي وليس له مصدر الاتقان بها سوي قبيلة هذيل ولكن هذا اغضاء من الواقع. الواقع الذي وضح وضح النهار هو انه رحل الى البوادي والقبائل العربية غير قبيلة هذيل واستفاد منها واستمر عليها وعكف بها .
ولا ندعي ان اقباله على الفقه صرفه البته عن الاشتغال بالعربية والآداب بل نجزم انه لم ينقطع قط عن الاختلاف الى قبائل العرب يسمع فصيح كلامها ويحفظ اشعارها. {١}
كما قال محمد ابن بنت الشافعي اقام الشافعي على قراءة العربية وايام الناس عشرين سنة وقال ما اردت بهذا الا الاستعانة على الفقه.
انما ولد ونشا في بيئة عربية في مدينة غزة وكانت تعتبر من المدن القديمة في منطقة فلسطين ولها تاريخ حافل بالعلم والثقافة على انه لم يقم في غزةالا النزر اليسير من عمره الا انه اشرب بحب العلم والمعرفة لا سيما اللغة العربية فانه كان يعيش في فترة تاريخية مهمة بالنسبة للثقافة والعلم في العالم الاسلامي وكانت اللغة العربية والادب العربي من القضايا الرئيسية التي شغلت عقول العلماء والادباء في تلك الحقبة .
بعد ان انتقل مع امه الى مكة لزم هذيلا اشهر قبائل العرب فصاحة واكثر التزاما بالثقافة القديمة كما سيجيئ مستوفى ان شاء الله . وتلقى عنها اللغة العربية والادب غير انه لم يقتنع ولم يكتف بل استمر في مراحل حياته المختلفة ان يزيد منها فانه كان يعتقد ان اللغة العربية مهما طال باع الانسان فيها لا يحيط بجميع جوانبها الا نبي ومن كان متقنا فيها يسع له الاجتهاد في الفقه الاسلامي كما مرآنفا.
يقول الامام الشافعي ثم اني خرجت من مكة فلزمت هذيلا في البادية اتعلم كلامها وآخذ طبعها وكانت افصح العرب قال فبقيت فيهم سبع عشرة سنة ارحل برحيلهم وانزل بنزولهم.
بهذا وذاك رحل الى بوادي الحجاز وبوادي نجد حيث زار قبائل طيء وبكربن وائل وتعلم من اهلها اللغة العربية البدوية وتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وبوادي اليمن حيث زار قبائل حمير وكندة .
روى محمد بن اسماعيل الحميري عن ابيه قال كان الشافعي يطلب اللغة العربية والشعر وكان كثيرا ما يخرج الى البدو فيحمل ما فيه من الادب.
روى الحسين الكرابيسي: سمعت الشافعي يقول كنت أمرؤ ا اكتب الشعر واتي البوادي فاسمع منهم.
يذكر الامام الذهبي في كتابه سير اعلام النبلاء: رحل الشافعي الى نجد في سنة ١٧٠ه وهو ابن عشرين سنة فنزل على ربيعة بن عبد الله بن ابي بكر الصديق وقرء عليه القران وتعلم من اهل نجد اللغة العربية.
ويذكر ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى : رحل الشافعي الى اليمن في سنة ١٧٥ه وهو ابن خمس وعشرين سنة فحج ثم قدم صنعاء ولقي في اليمن جماعة من العلماء وتعلم من اهل اليمن اللغة العربية الحميرية .
ويذكر ابو زهرة في كتابه : كان الشافعي يجيد اللغة العربية الفصحى واللغة العربية البدوية وقد تعلم هذه اللغات من خلال رحلاته الى البوادي ففي نجد تعلم اللغة العربية البدوية من قبائل طي ء وبكر بن وائل وفي اليمن تعلم اللغة العربية الحميرية من قبائل حمير وكندة .
يقول الشافعي كنت اخرج الى بوادي مكة في فترات الصيف لألتقي بالرعاة والبدو وآخذ عنهم علم اللغة العربية.
فا لشافعي رحمه الله اذا اندفع الى الفقه بكل قواه لم يهمل العربية وبهذا نستطيع التوفيق بين مختلف الروايات التي يقول بعضها انه انصرف الى الفقه ويقول بعضها الاخر انه انصرف الى العربية ومشافهة العرب ومهما يكون من امر فقد برز فقيها نابغة مفسرا بارعا خبيرا بالعربية وهو غلام.{٢}
وبهذا نقول انه ليس متقنا باللغة العربية الفصحى بلهجة واحدة فحسب بل كان له معرفة تامة باللهجات العربية المختلفة المنتشرة في قبائل العرب. هناك اختلفت الروايات في من سبب على صرفه الى الفقه الاسلامي فاشتغل بالحديث والفقه في مكة المكرمة فرحل الى المدينة المنورة واستوعب ما فيها من العلم غير انه لم ينقطع عن تلقي الادب العربي واللغة العربية بل كان يلتفت اليها بين الفينة والاخرى .
عصرالامام الشافعي
ولد الامام الشافعي في اواخر عهد ابي جعفر المنصور العباسي وتوفي في اوائل عهد المامون فعاصر ستة من خلفاء بني العباس على التوالي وهم: المنصور. المهدي. الهادي . هارون الرشيد . الامين . المامون . شهد العصر الذي عاشه استقرارا سياسيا.
اهم سمات هذا العصر
فيما يلي نحاول ان نكشف هذا العصر بمختلف جوانبه سياسيا علميا ادبيا .
الحالة السياسية :
وهي تتميز بأمور:
- الاستقرار السياسي وقوة السلطة الحاكمة
- · الازدهار الاقتصادي وكثرة الاموال
- رعاية السلطة الحاكمة للعلم واهله
- ظهور الفرق السياسية والعقدية
- نشاط حركة الترجمة
- رعاية الدولة العباسية للحضارة العربية والإسلامية رعاية واسعة
- · واتاحة كافة الفرص امام النمو الحضاري
اما بالنسبة للسياسة الخارجية في هذا العصر فمن الملاحظ تقلص الفتوحات وان كان تأمين حدود الدولة الإسلامية ضد الدولة البيزنطية قد حاز اهتمام الخلفاء العباسيين .
الحالة العلمية :
ساعد الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي على نشاط الحركة العلمية وكانت الحالة العلمية في عصر الامام الشافعي من اكثر الفترات ازدهارا في تاريخ الاسلام حيث شهدت هذه الفترة نهضة علمية شاملة في مختلف المجالات بما في ذلك الفقه والحديث والتفسير والعلوم الطبيعية والرياضية.
ومن اهم مميزاته:
- · تيسير سبل المعرفة والثقافة امام الجميع.
- · ورعاية طلبة العلم على اختلاف الطبقات الاجتماعية
- · رواج حركة الترجمة من الحضارات القديمة
- · ظهور المذاهب الفقهية وكثرة المناظرات فيما بينها
- · نشوء المراكز العلمية التي كانت تزخر بالحركة العلمية النشطة منها مكة المكرمة المدينة المنورة. بغداد . الكوفة . البصرة . مصر. دمشق . وبلاد ما وراء النهروالتي دخلت في الاسلام حديثا.
وفي هذا العصر ظهرت مدرستان اساسيتان في الفقه الاسلامي مدرسه الرأي ومدرسه الحديث. الحالة الأدبية:
شهد هذا العصر تفوقا بارزا وتطورا شاملا في الادب العربي واللغة العربية ولو استعرضنا العصر العباسي من ناحية الادب العربي واللغة العربية استعراضا شاملا لوسع المجلد ولكننا في هذا المقال نلخصه قدر المستطاع: من الملاحظ ان الخلفاء العباسيين وخاصة الاوائل منهم قد امتازوا بالمستوى الثقافي والعلم الرفيع فالمنصور والرشيد والمامون كانوا في مصاف العلماء . فكان تشجيعهم وحبهم للعلماء والادباء وتقريبهم وعقدهم المناظرات العلمية والأدبية بين مختلف الشعراء والادباء خاصة الرشيد منهم احيانا يعقد المناظرة بينهم لاستخلاص معنى كلمة من الكلمات الصحيح .
وكانت عطاءاتهم المتوالية على الشعراء والادباء دفعتهم الى توليد المعاني والابتكارات ونسج الخيال وقرض عيون الشعر في المدح والهجاء وما الى ذلك.
فكانت الحالة السياسية والعلمية والأدبية في عصره اكبر عون لتفتق قريحته الشعرية ونهوضه بالمهمة الحديثية واجتهاده الفقهي ونشر مذهبه.
مصادر النبوغ
{١}نسبه الممتد الى النبي صلى الله عليه وسلم:
يقول الدكتور سعيد محمد الفيومي : لابد لكل شاعر من التجاوب والتأثر بالواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه وهو في نفس الوقت يؤثر في الواقع الاجتماعي بما يصدر عنه من اشعار يتلقاها افراد المجتمع ويتأثرون بها وهذا التأثر يسمى بالبعد الاجتماعي ولعل اول مظاهر هذا البعد الاجتماعي في حياة الامام الشافعي كان نسبه الممتد والمتصل مع النبي صلى الله عليه وسلم.
نسب الامام الشافعي:
هو ابو عبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبده يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مره بن عبد بن لؤي بن غالب بن فهد بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس .ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتقي معه في عبد مناف .
كان نسبه الى النبي صلى الله عليه وسلم مصدرا له للقوة الروحية والالهام حيث كان يشعر دائما بانه متصل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا ما جعله اكثر عزيمة على طلب العلم والعبادة والابتعاد عن القاذورات وهذا ما جعله يحب حبا جما بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فقد اثر نسبه الى من قال انا افصح من نطق بالضاد في تكوين ملكته اللغوية واستلهام المعاني الشعرية وحذره عن خوض جميع الازقة الشعرية والمبالغة فيها فانه كان ينسب الى من قيل عنه.” وما علمناه الشعر وما ينبغي له “واما ما قال مقطوعات شعرية فهو عن عفوية وارتجال لا عن قصد وارادة فانه حفظ كثيرا من اشعار العرب.
يقول الشيخ محمد اعزاز علي القاسمي في شرحه باب الادب من ديوان الحماسة : اعلم ان لعمل الشعر واحكام صناعته شروطا : اولها : الحفظ من جنس اشعار العرب حتى تنشا في النفس ملكة ينسج على منوالها ومن كان خاليا من المحفوظ فنظمه قاصر رديء ولا يعطيه الرونق والحلاوة الا كثرة المحفوظ .
لا ريب ان الشافعي بحكم عروبته واقامته في هذيل وحفظه لكثير من شعر العرب وارتياحه لإنشاده والاستماع اليه كان يجيش صدره بقول الشعر بين الحين والحين ان دعته المناسبة وهزته بقول الشعر{٣}
فمن حفظ هذا القدر من الاشعار نشأت في نفسه ملكة ينسج على منوالها. وهذا ايضا يفسر سبب قوله المشهور:
لولا الشعر للعلماء يزري
لكنت اشعر من لبيد
{٢}انحداره من سلالة قرشية:
فقد ثبت آنفا انه من قريش وان انكر قرشيته بعض المالكيين وألاحناف زاعمين انه غير منحدر من سلالة قرشية بل كان قرشيا بالولاء لكن قرشيته اصبحت واضحة ولا ينكرها الا من كان في عينه قذي جزى الله العلماء الذين الفوا كتبا لإثباتها ولا يسعنا في هذا المقام الا ان نؤمن بقرشيته ونمشي قدما .
فيقول عبد الغني الدقر في كتابه : الشافعي عربي قرشي وحسبه ذلك ليكون صحيح الكلام وفصيحه وقد كان النبلاء من العرب وخصوصا منهم القرشيين يحرصون على سلامة لغتهم خشية ان يدب اليها الفساد الذي بدا في المئة الاولى وكثر في المئة الثانية بعد العهد الاموي ولكن الشافعي لم يكتف بذلك بل رحل الى هذيل انتهى. فقريش كانت افصح العرب .
قال ابو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم يوما ما رأيت افصح منك يا رسول الله فأجاب وما يمنعني وانا من قريش وارضعت في بني سعد .
فهي اجود العرب انتقاءالأفصح الالفاظ واسهلها عند النطق واحسنها مسموعا وابينها ابانة عما في النفس لكنها كسائر اهل الحضر خالطت ابناء الامم فلم تسلم لغتها على فصاحتها وسمو تعبيراتها . روي انه صلى الله عليه وسلم قال” نزل القران على سبعة احرف كلها كاف شاف” ومما قيل في معناه ان الاحرف السبعة سبع لغات من لغات قبائل العرب واختلفوا في تعيين القبائل السبعة لكن قريشا وهذيلا واردتان في كل الاقوال.
{٣}تربية امه :
حضن الام مدرسه اولى لكل طفل مسلم واذا كان حاتم الطائي عرف بسخائه فكان لامه اليد الطولي في تنشئته ورفعه حتى اصبح حاتم الطائي مشهورا بسخائه وكرمه فكذلك كل طفل مسلم . كانت ام الامام الشافعي أزديه وهي قبيلة يمنية ورد عن فضلها حديث موقوف:
الملك في قريش والقضاء في الانصار والاذان في الحبشة والإمامة في الازد .
فلما خافت ام الامام الشافعي الضيعة على ولده ذهبت به الى مكة فان ملوك بن العباس لا سيما السفاح منهم ارادوا ان يخرجوا بني المطلب من سهم ذوي القربى مع ان النبي صلى الله عليه وسلم قد اشركهم فيه بقوله : ان بني هاشم وبني المطلب شيء واحد.
فتصدى له عثمان بن شافع جد الامام للدفاع عنهم فرد عليهم . فكانت الاوضاع خطيرة وساءت نيات بني العباس فخافت الام وذهبت به الى مكة والحقته الى ذويه فوهبته بعض الخصائص من عقلية المكافح الى طريقة المبادرة الى الغاية والسعي دون القعود في الانتظار.
وكثيرا ما تكون نجابة الولد من اثر التوجيه السديد والرعاية المحمودة . الحكمة التي تقول وراء كل عظيم امرأة.
ويقول الشيخ عبد الغني الدقر: ويظهر انها كانت على قدر من العلم شهدت عند قاضي مكة هي واخرى قيل انها ام بشر المريسي من اعيان المعتزلة وتنسب اليه فرقة من المرجئة وكان يحسد الشافعي ولما اراد القاضي ان يفرق بين الشاهدتين قالت ام الشافعي ليس لك ذلك لان الله سبحانه وتعالى يقول “ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى” فرجع القاضي لها في ذلك.
فهذه الواقعة تفسر لناان لديها قدرا كافيا من العلم الديني وهي تهتم به فلذلك ضحت في سبيل تثقيف ابنها رغم افلاسها وفقرها فألحقته اولا بالكتاب حتي حفظ القران بأكمله وجعلته لا يفكر عنها الا عن الحصول على العلم وتزويد نفسه بالثقافات التي سادت تلكم المجتمعات .
{٤}لزومه هذيلا وحلقات العلم :
كان لحفظ الامام القران وتفسيره له دافعا لان يشعر الى انه بحاجة الى ملكة لغوية كبيرة والى ادراك لمعاني الكلمات والوقوف على اسرار التركيب. وكان ممن لا يأخذ الشيء الا عن مصادره. فقبيلة هذيل التي كانت يقطن حوالي مكة وبواديها مشهورة بفصاحة لغتها وسلامتها من العيوب لأنها كانت من القبائل التي تنطوي على نفسها ولم تخالط الشعوب والجماهير حتى لا يضيع نسبهم ولا تضيع لغتهم فأنها كانت محافظة على تقاليدها وقيمها فاستطاعت ان تبقى على اعرافها العريقة ولغتها الأصيلة فقصدها الامام الشافعي ورحل الى بواديها فإنها كانت ممتدة ويتلقى منهم الادب والشعر واللغة وايام العرب.
اختيار الامام هذيلا دون قبائل العرب الاخرى يدل على حذقه وتفرسه احوال زمانه وعصره مع انه كان طفلا اذذاك. فيما يلي بيان يدل على مدى اهمية قبيلة هذيل ولماذا اختارها للغته .
يقول مفكر غربي ان هذيلا قبيلة الحرب والشعر. Distinguished in the annals of war and poetry. هي قبيلة معروفة من قبائل العرب لا يعنيها الا ان تجعل علاقتها بغيرها علاقة حرب وقتال لذلك كثر اعدائها وخافتها القبائل حتى قريش نفسها وقد حكي ان ابا جهل تردد كثيرا قبل ان يفكر في ايذاء ابن مسعود ذلك الفتى الهذلي الذي كان يذيع في جراءة عاتية دعوة النبي.
وكانوا دائمي التنقل فهم مضطرون بحكم البيئة الى التنقل مع حيوانهم وراء الماء والكلاء اما رغبة في الطرد والقنص واما ميلا الى تعقب القوافل عساهم يجدون فيها زادا لهم وكانوا يتوزعون في السراة وفي وديانها واذا منازلهم تتعدد وتتداخل في منازل غيرها من القبائل ونستطيع ان نحدد سراة هذيل فنقول انها كانت بين مكة والمدينة واشرفت علي تهامة من غربها وانحدرت الى نجد انحدارا تدريجيا فاتصلت بالطائف.
وابن خلدون يحاول ان يحدد منازل هذيل في السراة فيقول :وسراتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف ولهم اماكن ومياه في اسفلها من جهات نجد وتهامة بين مكة والمدينة.
الواقع انها لم تسكن كل هذه المساحة الواسعة انما كانت تنتقل فيها مع وجود قرى صغيره لها تسكن هنا وهناك وكان نشاطها اوضح ما يكون حول مكة حتى لقد ظن الكثيرون (خطأ)ان منازلها كانت هناك فقط.
وبذلك يتبين معنى قول الامام “ارحل برحيلهم وانزل بنزولهم “
لغتها وشعرها
الهذليون ظلوا حتى بعد مجيء الاسلام محافظين على فطرة اللغة العربية في ادائهم اللغوي للشعر لذلك كانوا محل عناية كبيرة من قبل النقاد واللغويين القدامى الذين اتجهوا وجهتين في عنايتهم هذه .( الاول) طلب الغريب في اشعارهم( الثاني) فنية اشعارهم ومسحته الخاصة.
كانت لغتهم مرجع العلماء في الاستشهاد على صحه المفردات واعتمد عليها المفسرون في تفسير ما التبس من محكم الآيات ونظر فيها النحويون طويلا ومن هنا ظل الشعر الهذلي جعبة شواهد اللغة وكانت لغتهم بعيدة دائما عن المؤثرات الخارجية فاحتفظت بمقوماتها وصحتها وبعدت عن الدخيل.
صاحب كتاب شعر الهذليين في العصرين الجاهلي والاسلامي يقول: فانت ترى ان ابا علي لا ينسي هذيلا في شيء يرجع اليها في كل حين ويعرض لشعرها عمدا او مصادفة ويستعين بما قالت على توضيح ما يقول اما زميله البكري يخوض في شعر القبيلة خوض الرجل الذي احاط بكل دقيق وندع الان هذين العالمين ونلتمس معجما من المعاجم فسنرى فيه نفس الاهتمام فمن الغريب الذي يعرض له لسان العرب (الارزيز) فقال انه الرعدة وانشد بيت المتنخل (شاعر هذلي) الذي يقول فيه:
كأنما بين لحييه ولبسته
من جلبة الجوع جيار وارزيز
فلقد تكلم اللسان والتاج والمخصص والامالي بما فيه الكفاية مما له صلة بلغة هذيل بيد ان نظرة عجلى في كل من فهرستي اللسان والجمهرة ترينا العدد الهائل من الابيات التي استشهد بها صاحب المؤلفين .
خصائص شعر الهذليين :
واذا نظرنا الى الشعر الهذلي نظرة عامة قلنا عنه انه بدوي اللفظ والاسلوب حافل بالصور وبالقصص الحزينة كانوا يتكلمون عن طبع اصيل وبكلمات يتداولونها في باديتهم فجاءت غرابتهم عن أصالة تحمل من معاني الحياة جمالا كثيرا وشعرهم من هذه الناحية شيء قيم حقا وان حجبته الغرابة اللفظية ومن يقرا ديوان الهذليين بعضه او كله يقرا عجبا العربية الفصحى كما كانت في الجاهلية وقبل ان ينزل القران وحين نزوله كثير منها لا يعرفه المرء اليوم ولا كان يعرفه الناس في القرن الثاني للهجرة ولا تحتويه المعاجم ومنها آيات في رشاقة اللفظ ودقة التعبير ورقه التصوير. ويقول علي كاظم محمد علي المصلاوي : مثل ما كانت سمة الوضوح من نتاج البيئة كانت الغرابة من نتاجها فما ان يتعرض الشاعر لوصف حيوانها او جبالها (الى ان قال ) حتى تغرب الفاظها لتحاكيها صورة وصوتا على ان غرابة الهذلي لم تكن من القبح الشنيع حتى تشوه جمال اشعاره بل العكس فقد كانت اصدق تمثيلا وتعبيرا عما يريده الشاعر لذا نعته الجاحظ وغيره بحسن الوصف دلالة على عدم التكلف والطبيعية كما كانت غرابتهم سببا في جعلهم من القبائل المتصدرة.
يقول الدكتور احمد كمال زكي :هل ظلت الغرابة سمة الشعر الهذلي بعد ان استقر الاسلام في نفوس العرب ودفع بهم الى خارج جزيرتهم؟ انا لا انكر ان تكون الحياة الجديدة وما تبعها من تنقل ورحلة قد عملت عملها في اللغة والفاظها الا ان ذلك يحتاج الى وقت طويل ومن هنا راينا المخضرمين ومن جاء بعدهم مباشرةلا يزالون يؤثرون الغريب .
من اين جاءت هذه الغرابة والوضوح؟ يقول علي كاظم في رسالته : لانفتاح البيئة وبساطة العيش فيها اثره في انعكاس سمة الوضوح في النسيج اللغوي وقد تمثلت هذه السمة بأفعال الرؤية والحس واسماء الأمكنة والاعلام وبدائلها والضمائر( الى اخره)( الى ان قال )جاءت هذه نتيجة لتعامل الشاعر مع الاشياء تعاملا واقعيا فلم يعط لخياله في الغالب امكانية التحرر من ربقة الواقع المشدود اليه.
سئل حسان ابن ثابت عن اي الناس اشعر؟ فقال احيا ام رجلا؟ فقيل له حيا فقال اشعر الناس هذيل فيها نيف وثلاثون شاعرا. تبين من هذا البيان الطويل ان هذيلا كانت محافظة على قيمها واقدارها ولغتها لذلك استأثرها الامام الشافعي لتصحيح لغته من بين القبائل الاخرى بيد انه لم يترك قبائل اخرى بل تلقى منها اللغة بين الحين والاخر كما مر معنا. واما ما كان من تردده بين حلقات العلم في مكة للحصول على الحديث والفقه ونزوحه الى المدينة وتلقيه هناك الحديث وما اليه وبالتالي وروده الى بغداد مرة بعد اخرى لا يزال يتردد ذكره على السنة العلماء ولا حاجة الى اعادته. (الملاحظة )يقول الدكتور احمد كمال زكي في كتابه : لسنا ندري على التحقيق كيف اسلمت هذيل ولا متى اسلمت انما تروي الاخبار ان النبي صلى الله عليه وسلم حين كلف بالدعوة كان يأتي ذا المجاز وهي سوق هذيل وكأنما كان ذلك نوعا من الاحتكاك بين هذيل والرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نسمع ان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان من الاوائل الذين اسلموا واثروا صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو اول مسلم استطاع ان يجهر بالقران في مكة بعد الرسول ولم يكونوا اقل من قريش سخطا على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ولو كانوا يملكون القوة لما ترددوا في ان يثأروا .
لغة الامام الشافعي
اصبح الامام الشافعي فصيح اللسان ناصع البيان في الذروة العليا من البلاغة تأدب بأدب البادية واخذ العلوم والمعارف من اهل الحضر نبغ في الحجاز واصبح من اشعر الناس وآدب الناس كان كلامه لغة يحتج بها وكانت لغته فتنة كان قوم من اهل العربية يختلفون الى مجلسه لا يتعاطون فقهه بل يسمعون لغته.
وتنوعت آراء العلماء في سبب فصاحته فمنهم من قال كان فصيحا منذ صغره ومنهم من قال انه اكتسب برحلته الى الباديه
قال محمد بن حزم : كان الشافعي فصيحا وكان يصحب شيخا من هذيل وكان يتعلم منه اللغة العربية ويرحل الى البادية فيأخذ من كلامهم فلذلك كان فصيحا.
ومنهم من قال انه اكتسبها من خلال قراءته للقران الكريم والحديث النبوي الشريف.
قال ابو حاتم الرازي: اجمع الناس على ان الامام الشافعي كان افصح الناس وابلغهم وكان ذلك بسبب قراءته للقران الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر العربي.
الراجح هو ان الامام الشافعي كان يتمتع بفصاحة منذ صغره وقد اكتسبها من خلال ترحاله الى البوادي وكانت دراسة القران الكريم والحديث ضغثا على ابالة. كما مربنا من قبل .
يذكرعبد الحليم الجندي : واول ما يبده القاري من اسلوب الشافعي جزالة الفاظه ووجازة عباراته وقوة اثره. اما الجزالة وما يتبعها من الصحة والسلامة فهما مثل الوان العافية التي تلوح وجوه العائدين من الصحراء حيث الفصحى خالصة يتراضعها العرب الخلص من لبان البادية كما رقق قوله ورقاه ادامة قراءة القران.
واما الايجاز فآية البلاغة في الشعر والنثر
واما قوة التعبير والتأثير فقد ساعدت عليها امور:
منها طبيعته وما سكب فيها من فيوض القوه والفتوة ومنها نزعته الخطابية التي تتبدى في كتابته ومنها ان كثيرا من كتابته املاء قد يتيح الفرصة للانتقاء. ومنها دراساته للشعر الجاهلي وقرضه الشعر طوال حياته ومنها طبيعة الفنان يسلك الفاظه في جمله كأنما يسلك الجواهر في عقود الجمان ومنها كنوزه التي لا نظائر لها من اللغة الفصحى واساليبه التي لا تباري في التصرف في الالفاظ لكل لفظة جمالها الخاص بها وكمالها كوعاء للمعنى دون ان تتداخل معاني الكلمات وكان لكل كلمة قيمة رقمية معينة او صورة هندسية محددة او قوة فئات العملة لا تزيد ولا تنقص ومن كل ذلك الضبط ينبعث اللمعان اللؤلؤي والنغم والموسيقي والائتلاف الوضيء في السلك والسبك بعبارات قصيرة او طويلة متتابعة لكل منها حجتها ولمجموعها الحجة البالغة كمثل وثبات الجواد المنطلق تسكر البصر بالحركة الدقيقة المنضبطة مع جمال هيكله وحسن شكله وهو يوفي على الغاية وكما تجد في البيت الواحد من القصيدة كمال الوحدة تجد في الجملة الواحدة من كلام الشافعي وربما في الكلمة الواحدة ما في النثر العظيم من كمال الوحدة وتمام المعنى من اجل ذلك تحس في لغة الشافعي طعما سائغا في الفم وتوقيعا بديعا في الاذن صنجا او جرسا كما شبهه سامعوه ينساب من ذاته المنطلقة كالجداول المتدفقة (الى ان قال )وبهذا المزاج الرفيع من اسباب القوة في الاساليب ارتفع الشافعي بأسلوب الكتابة الفقهية الى اعلى مستويات البلاغة. اه
قال الطنطاوي: كنت اقرء في الام صفحات كثيرة لا لمعرفة الحكم الفقهي ولكن للاستمتاع بذلك البيان.
يقول الشيخ احمد شاكر كتاب الرسالة بل كتب الشافعي اجمع كتب ادب ولغة وثقافة قبل ان تكون كتب فقه واصول. ذلك ان الشافعي لم تهجنه عجمة ولم تدخل على لسانه لكنة ولم تحفظ عليه لحنة او سقطة وقال كتبه كلها مثل رائع من الادب العربي النقي في الذروة العليا من البلاغة يكتب على سجيته ويملي بفطرته لا يتكلف ولا يتصنع افصح النثر بعد القران والحديث لا يساميه قائل ولا يدانيه كاتب لا سيما خطبته في كتاب الرسالة فإنها كثير من العلماء كانوا يفتخرون بافتتاح دروسهم بخطبته.
وصف احد قواد هارون الرشيد لما رفع اليه لتهمة الصقت به:
“يعمل بلسانه ما لا يعمل المقاتل بسيفه “
فالإمام الشافعي قد جمع في لغته بين العذوبة وجودة السبك ومتانة الصياغة من غير تصنع مع اقتدار على المعجم وتحكم فيه ينتقي من مفرداته ما يناسب معانيه ويضعها في مكانها المناسب وهو ما جعل كبار علماء اللغة يعجبون بلغته وكان اللغويون يستشهدون بلغته كما فعل الازهري في تهذيب اللغة. شعر الام الشافعي وسماته
شعره ومعاييره:
مرت الإشارة الى ان الامام الشافعي لم يقل الشعرالا عن عفوية وارتجال دون تعمد وقصد كان مع اقتداره المحكم على تعبير ما يجول في خاطره بشكل النظم وتمكنه البالغ في سبك المعاني وخوض جميع الانواع الشعرية ترفع عنها فانه صادر بحكم البيئة المحاطة به وثقافته التي حصل عليها من خلال القران والسنه النبوية وبعبارةادق جعل نصب عينه الآية الكريمة من سورة الشعراء حيث يقول الله عز وجل ” والشعراء يتبعهم الغاؤن الم تر انهم في كل واد يهيمون “
فقد صدر الشعر عنه عن مفهوم صائب دقيق فجعل للشعر معياره: فقال كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام غير انه كلام باق ساير فذلك فضله على الكلام فمن كان من الشعراء لا يعرف بنقص المسلمين واذاهم والاكثار في ذلك ولا بانه يمدح فيكسر الكذب لم ترد شهادته ومن اكثر الوقيعة في الناس على الغضب ام الحرمان حتى يكون ذلك ظاهرا كثيرا مستعلنا واذا رضي مدح الناس بما ليس فيهم يكون ذلك ظاهرا مستعلنا كذبا محضا ردت شهادته بالوجهين وبأحدهما لو انفرد وان كان يمدح فيصدق ويحسن الصدق او يفرط فيه بالأمر الذي لا يمحض ان يكون كذبا لم ترد شهادته ومن شبب بامرأة بعينها ليست ممن يحل له وطؤها حين شب فاكثر فيها فشهرها وشهر مثلها بما يشبب وان لم يزن ردت شهادته ومن شبب ولم يسم احدا لم ترد شهادته لأنه يمكن ان يشبب بامرأته وجاريته وان كان يسال بالشعر لا يسال به فسواء وفي مثل معنى الشعر في رد الشهادة من مزق اعراض المسلمين وسألهم اموالهم فاذا لم يعطوه اباح شتمهم .
فواضح ان الامام الشافعي في هذه الوثيقة الخطيرة في شهادة الشعراء يميز بين الشعر الاسلامي وبين الشعر الغير الاسلامي ويرد شهادة شعراء الغزل الفاحش وشعراء الهجاء المقذع وشعراء المديح الكاذب بينما يقبل شهادة شعراء المديح الصادق والغزل العفيف الذي يبرز ويقدر الجمال الروحي والكمال الخلقي. انتهى.
بهذا وذاك تورع في شعره عن المديح والهجاء المقذع والغزل الفاحش يتمثله شعره
” لولا الشعر للعلماء يزري
لكنت اشعر من لبيد
بل اعتبره مكملة لعمله كفقيه فللشعر عنده وظيفة اجتماعية خلقية تنحصر في الدعوة الى المعروف والنهي عن المنكر ونشر مكارم الاخلاق وله قدرة فايقة على تطويع لسانه ونسج خيالاته واعترف جلة العلماء بشاعريته.
فقال ابو الحسن المبرد .” ان الشافعي من اشعر الناس”
قال ابن رشيق: اما محمد بن ادريس الشافعي فكان من احسن الناس افتنانا في الشعر.
ويقول حكمت صالح : الشافعي كما هو علم من اعلام الفقه واصوله فهو شاعر متمكن مجيد له رؤيته الفنية كما له منطقه الفقهي .
انه صرف مواهبه وعقله الى السنة والفقه والاجتهاد ومع ذلك ترك شعرا جيدا ارتفع عن شعر الفقهاء وان لم يبلغ مكانة شعر المجيدين من الفحول .
يقول القفطي: وكان له شعر اجل من شعر الفقهاء.
شعر العصر العباسي:
مر بنا من قبل ان الامام الشافعي ولد في العصر العباسي فقبل ان نستعرض شعر الامام الشافعي يتحتم علينا ان ننظر الي شعر عصره حتي نتمكن من الاستنتاج القويم ونفهم شعره بشكل صائب. يصف احمد حسن الزيات شعر ذلك العصر بقوله: فأما التأثير في اسلوبه فهجر الكلمات الغريبة وعذوبة التركيب ووضوحه واستحداث البديع والاستكثار منه وترك الابتداء بذكر الاطلال الى وصف القصور والخمور والغزل والاغراق في المدح والهجاء والاكثار من التشبيه والاستعارة والحرص على التناسب بين اجزاء القصيدة ومراعاة الترتيب في التركيب واما في اغراضه فبالمبالغة في نعت الخمر ومجالسها ووصف الرياض والصيد وغزل المذكر والمجون والوعظ والزهد والاخلاق والفلسفة وضبط العلوم كالنحو وغيره. انتهى.
من الظواهر البارزة في شعر العصر العباسي الاول شيوع المقطعات فيه وغلبة القصائد القصيرة عليه وقد اعانت على ذلك اسباب كثيرة منها ذوق المجتمع العباسي ومناسبة هذه المقطعات مجالس الخلفاء والوزراء والادباء واستخدامها في مجالات جديدة كالكتابة على الحلي والملابس والجدران كما ان المقطعات تشيع في اغراض دون اخرى كشعر الحكمة والزهد والشعر التربوي الاخلاقي وكذا الغزل والهجاء فاذا تأملت هذه المقطعات ادركت انهم تناولوا فيها كل آفاق التجربة الشعرية التي حلقوا فيها ومعنى هذا ان شكل المقطوعة الشعرية القصيرة قد صار في العصر العباسي اطارا فنيا.
ويذهب بعض الدارسين الى ان اسباب النظم في شكل مقطوعات ثلاثة (اولا) فني (ثانيا )نفسي (ثالثا )شكلي فأما الاول فهو الايجاز والابتعاد عن الحشو مع تهذيب المقطوعة وتنقيحها طلبا للجودة واما الثاني والثالث فلكون المقطوعات اعلق في النفوس واكثر رواجا في الحفظ والمقطوعة في الغالب مرتجلة عفوية لا تكلف فيها فهي اطار محدود وضيق يعبر فيه الشاعر احيانا عن خاطر راوده او شعور حاد في لحظة من اللحظات او معنى طريف جال بنفسه فاقتنصه دون ان يتوسع فيه او يولد منه ما يصنع قصيدة طويلة .
اسلوب شعرالامام الشافعي:
بحكم عصره وبيئته آثر الامام الشافعي ان يكون بعيدا كل البعد في شعره عن التعقيد في اللغة فابتعد في لغته عن كل غريب بل كان يقصد الى السهولة والبساطة مع الايجاز والجزالة ليكون هذا الشعر واضحا سريع الوصول الى اذهان سامعيه وعند تشكيله للصورة لم يكن الهدف فنيا اي ليظهر قدرته الفنية الإبداعية على صناعة الصورة بقدر ما كان الهدف منها اثارة الانفعال في نفس القارئ وتوليد نزعات دينية .
يقول الدكتور تشيش عمر: والناظر في شعر الشافعي يجده يتجنب الوعر من الالفاظ ويتفادى الحوشي المتكلف مع سلاسته في التعبير وبساطة اسلوب يفهمه العام والخاص وهو ما يجعلنا نقول عن شعره انه من السهل الممتنع الذي لا يقدر عليه الا آحاد الشعراء وبناء على ما سبق عرضه في هذا المبحث نخلص الى ان شعر الشافعي سهل ممتنع فهو واضح الفكرة عميق المغزى صادق العاطفة رقيق اللفظ سلس العبارة بديع الصورة محكم السبك يبين عن ان صاحبه شاعر مطبوع تجود قريحته بالأشعار عفوا من غير تكلف.
واستطرد قائلا : ويبدو جليا ان شعر الشافعي هو مما قل لفظه وكثر معناه ولا يتأتى هذا لكل الشعراء بل للمتمكنين منهم فقط.
يقول الدكتور عبد المنعم خفاجي: مع علو لغته في كل اقواله فان شعره سهل ممتنع ولعلك اذا قست قطعة من نثره بمقطعة من شعره بدالك الفرق بين اللغتين فانه في النثر يختار اجزل الالفاظ ويميل الى الغريب والصعب اما الفاظه في الشعر فلن تعثر فيها على غريب ولا صعب بل كان جل شعره سهلا واضحا وكان شعره كله مقطعات فلم ينظم قصائد طوالا ولما كان الشافعي قد قصد في شعره الى السهولة والوضوح سلك في اكثره سبيل الارتجال فانه لم يقل في كل القوافي بل غادر القوافي الصعبة فلم يسلكها واكتفى بالقول في الحروف الجيدة التي لا تقف امام العذوبة والرقة والسرعة والارتجال.
واغلب شعر الامام الشافعي جاء في شكل مقطوعات بنسبة ٩٣% اذ لا نجد له من مجموع شعره الا ست قصائد اطولها في عشرين بيتا والتي تليها في ثلاثة عشر بيتا ثم اثني عشربيتا ثم احد عشر بيتا وقصيدة من ثمانية ابيات وواحدة سباعية اما بقية شعره فمقطوعات جاء قرابة نصفها مكونا من بيتين والاخرى منها سبع مقطوعات سداسية وثمان خماسية وسبع عشرة مقطوعة رباعية واحدى وعشرون مقطوعة ثلاثية وثلاثة عشربيتا يتيما.
ويرى الاستاذ عبد العزيز سيد الاهل ان ميل الشافعي الى المقطعات كان صادرا عن طبعه الذي اختار الايجاز.
سمات شعر الامام الشافعي:
( اولا) غلبة النزعة الدينية على الصورة البيانية. كان شعر الشافعي يتناول قضايا الدين والاخلاق والتقوى كان يعبر عن ايمانه القوي وحبه لله ورسوله ولم تكن الصورة البيانية تغلب عليه بحكم هدفه. ( ثانيا )اتسام الصورة البيانية عنده بالجدة والابتكار حيث كان يسعى الى ايجاد صور جديدة ومبتكرة تعبر عن افكاره ومشاعره وقد تنوعت الصورة البيانية التي استخدمها الشافعي في شعره (ثالثا) اغلب صوره البيانية عنده مستمدة من الواقع حيث كان يحرص على ان تكون صوره قريبة من فهم القارئ ومستمدة من تجاربه وخبراته الشخصية. ( رابعا) وظف الامام الصورة البيانية في الدعوة الى الأخلاق العامة كان شعره رسائل توجيهية للناس تحثهم على الخير والاحسان وتحذرهم من الشر والفساد .(خامسا )اقتباس بعض الصور البيانية عنده من القرآن الكريم والسنة النبوية. ( سادسا) اتسمت الصورة البيانية عنده بصدق التجربة.
مصادر شعر الشافعي:
ان للثقافة دورا كبيرا في غنى تجربة الشاعر وبخاصة في توظيف الشاعر لهذه الثقافة مما يخدم ابداعه فيجعله ذلك قادرا على التفاعل مع الواقع ومراقبة المستقبل . فثقافة الامام الشافعي ساعدت وبطريق غير مباشر على توجيه الموهبة الشعرية وعليه فان ذلك يساعدنا في تفسير كثير من الظواهر الموضوعية الشائعة في شعره.
ان ثقافه الامام كانت في مجملها ثقافة دينية فأول ما توجه اليه كان القران الكريم وتلاوته وتجويده وتفسيره على شيوخ التفسير والتجويد والترتيل في المسجد الحرام ولعل الفضل في ذلك يرجع الى امه رغم فقرها الا انها قامت بدفعه الى صحبة العلماء ومجمل القول في مكونات الشافعي الثقافية انها كانت دينية لغوية تستند الى حفظ القران وتفسيره وتجويده وبيان اوجه الاعجاز فيه وكذلك متابعة ثقافة عصره من خلال ترحاله بين البوادي ومخالطة القبائل إضافة الى تنقله بين المدن والحواضر ما جعله يجمع بين الثقافة والخبرة وكان له الاثر الكبير في توسيع افق الامام الشافعي وقد حاول الامام ان يصب تجاربه الفنية ضمن هذا الاطار وهذا يفسر انحسار شعره في هذا الاطار الديني.
حياة الامام الشافعي المليئة بالتنقلات وما رأى من الجو الاجتماعي القائم على التسامح العقدي والديني إضافة الى ترحاله وتنقله بين البلدان قد اتاح له هذا الجو ان يخالط الناس على اختلاف مستوياتهم ويقترب منهم فيعيش مشاعرهم ومشاكلهم ويتعرف على نفوسهم ودخائل مجتمعهم. فتتمخض المصادر من هذا البيان انها عديدة : اهمها القران الكريم و الحديث النبوي الشريف والتجارب التي مرت به في مراحل حياته المختلفة فانه يقول:
ولا تمشين في مركب الارض فاخرا
فعما قليل يحتويك ترابها
ترشح هذا المعنى من الينبوع الاصلي وهو قوله تعالى” ولا تمشي في الارض مرحا ان الله لا يحب كل مختار فخور “
عمدة الخيرعندنا كلمات
اربع قالهن خير البريه
اتق الشبهات وازهد ودع ما
ليس يعنيك وعملا بنيه
هذا من الينبوع الثاني وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم “اتق المحارم تكن اعبد الناس”
اما المصدر الثالث تجربته في الحياة فيبدو في كثير من شعره ومنه قوله في الغنى ونظره الناس اليه:
المرء يحظى ثم يعلو ذكره
حتى يزين بالذين لم يفعل
وترى الغنى اذا تكامل ماله
يخشى وينحل كل ما لم يعمل
موضوعات شعره:
الناظر في ديوان الشافعي يجده يدور حول موضوعات عديدة اهمها تجاربه في الحياة والابتهالات والأدعية ومكارم الاخلاق والحكمة والزهد وحب السفر وشعر النصيحة وطلب العلم ونقد المجتمع. الحكمة عند الامام الشافعي لها مذاق خاص نلمس فيها تركيزا على العقيدة الإسلامية الصحيحة التي تشمل على النصائح والارشاد والتنبيه والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمزج بين النزعة الإسلامية والنزعة الإنسانية التي توجه الى طبقات الناس في كل زمان ومكان وتختلف الحكمة عنده عن الحكمة عند الشعراء السابقين واللاحقين كزهير والمتنبي اختلافه عنهما في الاسلوب والافكار والذوق والمصدر والهدف والبيئة فحكمة زهير تتصل ببيئته العربية الجاهلية وثقافتها وتقاليدها واخلاقها وآدابها كما يتبدى في قوله في معلقته
ومن لم يذد عن حوضه سلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم.
او قوله فيها ايضا :
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده.
فلم يبق الا صورة اللحم والدم
اما حكمة المتنبي فثمرة تجربة حياتية وتفكير عميق فهو رجل الآمال والاطماع وهو رجل اسماعيلية متفلسفة وقرمطية ثائرة وهو رجل ثقافة واطلاع استفاد من الفلسفة الإغريقية وفلسفة الشيعة علما واسع النطاق ونلمس ذلك في قوله:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
واخو الجهل في الشقاوة ينعم
اما حكمة الامام الشافعي فتتأثر بالإسلام وتعاليمه وشريعته ودعوته كما انه يصبغها بالصبغة الأخلاقية فاذا تحدث عن اللسان قال
فلا ينطق فيك اللسان بسوءة
فكلك سوآت وللناس اعين
لو كنت بالعقل تعطي ما تريد
لما ظفرت من الدنيا بمرزوق
فلا يتحدث عن اللسان مرتبطا بالفصاحة والبيان كما صنع زهير ولا يصف العقل كأداة تفرق بين الانسان والحيوان كما ذكر المتنبي وانما ربط اللسان بالأخلاق ونصح بعدم ذكر عيوب الناس وذكر ان الله تعالى يرزق الناس لا حسب عقولهم وذكائهم وانما منة وكرما.
الشعر الجاهلي ملامحه وسماته:
الشعر الجاهلي هو الذي نظمه الجاهليون في العصر الجاهلي اي قبل ظهور الاسلام فطر عرب الجاهلية على البساطة والبعد عن التصنع اوالتعمل في كل شيء شان اهل الباديه لبعدهم من شوائب المدنية فهم على الفطرة الطبيعية وعنوانها الصدق بكل معانيه ويدخل فيه استقلال الفكر والشجاعة الأدبية والصراحة في القول والعمل فلا يتكلفون في لباسهم ولا طعامهم ولا شرابهم ولا يتصنعون في كلامهم وانما يقولون ما يخطر لهم ويصورونه كما يتمثل لمخيلتهم بلا تنميق او تأنق أضف الى ذلك تعودهم الاستقلال في شؤونهم الشخصية ونفورهم من التعقيد بشيء حتى المكان فانهم لا يتوطنون صقعا بل يجعلون منازلهم على ظهور ابلهم لا يحملون ضيما ولا يصبرون على ظلم فتمكنت الحرية من طباعهم حتى ظهرت في اقوالهم وافكارهم وفي اشعارهم فاذا طرأ لهم خيال شعري صوروه كما يتخيل لهم خلافا لما تقتضيه الحضارة من التكلف وغيره من ثمار الذل والانكسار والقاعدة في النظم عندهم بيت شاعرهم وحكيمهم زهير ابن ابي سلمى وهو و
ان اشعر بيت انت قائله
بيت يقال اذا انشدته صدقا
لغتهم وشعرهم:
لغتهم على الاجمال لا تزال مثال البلاغة حتى الآن لبعدها عن مفاسد العجمة وهي معروفة بخلوهامن الحشو وليس فيها من زخارف المدنية كالبديع والجناس ولا المجاز والكناية الا بقدر الملح من الطعام اما ما نجده في بعض اشعار الجاهلية من التعقيد فسببه غرابة بعض الالفاظ على افهامنا وبعده بعض التراكيب عن مالوفنا .ان البلاغة فطرية في عرب البادية شعرا ونثرا يصدرون القصائد الطويلة غالبا بذكر المنازل والاطلال ويبكون على الطلول وذلك طبيعي عندهم بانهم اهل رحلة لا يقيمون في المكان حينا حتى نزلوا عنه اما فرارا من عدو او التماسا للمرعي قبل ماء او نحل ذلك . كقول امرؤ القيس
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
لم يكن للشعر الجاهلي ابواب طرقوها الا الفخر والحماسة والتشبيب والمديح والهجاء وتفرع من المديح الرثاء وهو مدح الميت والاصل في المديح والهجاء الدفاع عن القبيلة والطعن في اعدائها ذلك كان غرض الجاهليين من المديح والهجاء
وكانوا في جاهليتهم اهل اباء واستقلال وفخر فقامت المفاخرة بين قبائلهم واحيانهم واصبحوا يتنافسون في كل شيء حتى في المصائب وهي المعاظمة اشهرها معاظمة الخنساء وهند بنت عتبه يأبون الضيم ويغارون على العرض اذا قالوا فعلوا واذا وعدوا وفوا ولم يكن اشد منهم غيرة على العرض وفي اخبارهم ما لا يحصى من الدفاع عن المرآه وعرضها وكثيرا ما نشبت الحرب في هذا السبيل لا ينظمون التماسا للعطاء ينظمون بداع يحركه اما دفاعا عن عرض او تحمسا بحرب او تشكيا من الفراق او بكاء على فقيد او نحو ذلك وقد يمدحون ولكن مدحهم يكون على الغالب شكرا على صنيع لا استدرارا لجائزة .
اشهر الشعراء الذين اشتهروا بكثرة اشعارهم واقواها عددهم يربو عن المئة ولو انضم جميع الشعراء الجاهليين الذين قالوا بيتا او بيتين فيتجاوز عددهم ولا ياتي عليه العد والحصر واشعرهم على الاطلاق اصحاب المعلقات وهم عشرة واشعر هؤلاء ثلاثة امرؤ القيس وزهير بن ابي سلمى والنابغة الذبياني وقد قسموا الشعراء من حيث الاغراض الى ثلاث عشرة طبقة ولكل طبقة منهم مزية خاصة تتميز عن الاخرى.
الشعر الجاهلي يمتاز (اولا) باستعمال الغريب من الالفاظ والحوشي( ثانيا) بعدم ارتباط المعاني بعضها ببعض( ثالثا) بقلة الافتنان في الموضوع فترى اكثر قوافيهم لا تخرج عن الابتداء او بوصف الدمن والاطلال وآثار الاحبة ثم وصف الحبيب والتشبب به ثم وصف الناقه او البعير ثم الصحراء التي يجوبها الشاعر ثم وصف الصيد ثم المدح او الهجاء (رابعا) بسذاجة المعاني وعدم عمقها ويظهر ذلك اذا انت قارنتها بشعر مثل بشار وابي نواس وغيرهما. (خامسا )بصدقهم في تصوير الاحساس والعاطفة وتمثيل ما يرون ويحسون فلا ترى لهم المبالغات وترى لهم المعنى الكثير في اللفظ القليل (سادسا) بالحري بعدم تعرضهم لما تعرض له غيرهم من ابناء الامم الحمراء التي اتسع خيالها باتساع حضارتها واستبحار عمرانها من مثل الشعر القصصي وما يسمونه الملاحم.
الموازنة بين الشعر الجاهلي وشعر الامام الشافعي:
قد تبين مماسبق الفرق بين اشعارهما من ذكر سماتهما ولكننا تحت هذا العنوان نتطرق الي الاستخلاص حتي يبدو هذاالفرق جليا: ان المقارنة بين شعراء الجاهلية والامام الشافعي تعتبر موضوعا شيقا يمكن ان تركز هذه الدراسة على العديد من الجوانب مثل الاسلوب والموضوع والمشاعر التي تناولها شعراء الجاهلية الذين كانوا يعتبرون من بين اوائل من استخدموا اللغة بشكل متقن في الشعر وبين الامام الشافعي الذي كان يتميز بأسلوبه السلس والدقيق في العبارة من ناحية اخرى يمكن ايضا مقارنة الموضوعات التي تناولها شعراء الجاهلية والتي كانت تتراوح بين الحب والشجب والغزل والوطنية مع مواضيع الدين والعبادة والفقه التي كان يتناولها الامام الشافعي في شعره
(الزمان)
يتميز الشعر الجاهلي بكونه قد نشأ في الفترة الجاهلية قبل الاسلام في جزيرة العرب في حين ان شعر الامام الشافعي كان ينتمي الى العصور الإسلامية الاولى .
(الموضوعات والمغزي )
الشعر الجاهلي غالبا ما كان يتناول موضوعات متنوعة مثل الحب و الشجب و الوطنية و الوصف الطبيعي بينما كان شعر الامام الشافعي يركز بشكل اساسي على مواضيع دينية والعبادة . يقول امرؤ القيس:
ويوم دخلت الخدر خدرعنيزة
فقالت لك الويلات انك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معا
عقر ت بعيري يا امرء القيس فانزل
فقلت لها سيري وارخي زمامه
ولا تبعديني من جناك المعلل
(الى ان قال)
اغرك مني ان حبك قاتلي
وانك مهما تامر القلب يفعل
مهفهفة بيضاء غير مفاضة
ترائبها مصقولة كالسجنجل
وقال زهير بن ابي سلمى:
دمن تجرم بعد عهد انيسها
حجج خلون حلالها وحرامها
رزقت مرابيع النجوم وصابها
ودق الرواعدجودها فرهامها
من كل سارية وغاد مدجن
متجاوب ارزامها
فعلا فروع الايهقان واطفلت
بالجلهتين ضباؤها ونعامها
بينما يقول الامام الشافعي:
صبرا جميلا ما اقرب الفرجا
من راقب الله في الامور نجا
من صدق الله لم ينله اذي
ومن رجاه يكون حيث رجا
( الاسلوب والتقنيات الشعرية)
كان الشاعر الجاهلي يتسم بالتنوع في الاساليب والاوزان الشعرية يستخدم الشعراء الجاهليون التشبيه والاستعارة بشكل متقن في حين ان الامام الشافعي كان يتميز بأسلوبه السلس واستخدامه البسيط للغة العربية بيد انه كان يستخدم التشبيه والاستعارة فهذا وجه شبه بين الشعرين.
( الهدف والغاية)
الشعر الجاهلي كان يهدف في العديد من الاحيان للتعبير عن المشاريع والعواطف الإنسانية واثارتها بينما كان شعر الامام الشافعي يهدف بشكل رئيسي نشر العلم والمعرفة.
( الثقافة والتأثير )يعكس الشعر الجاهلي القيم والثقافة العربية في الفترة الجاهلية بينما يعكس شعر الامام الشافعي التأثير الاسلامي والديني والتطورات الثقافية في عصره .
(اللغة والاسلوب الشعري) الشعر الجاهلي وشعر الامام الشافعي يمثلان فترتين مختلفتين من تاريخ الادب العربي الشعر الجاهلي كان يمثل تعبيرا عن الثقافة والحياه في الفترة قبل الاسلام بينما شعر الامام الشافعي كان جزءا من التطور الادبي والديني في العصور الاولى للإسلام.
الشعر الجاهلي يعتمد على البيان والبلاغة والوصف بطرق مختلفة شعر الشافعي يظهر تميزا في البنية والنظم والتراكيب.
الشعر الجاهلي كان يعكس القيم والثقافات القبلية ويحاكي الاحداث التاريخية شعر الشافعي يهدف الى توجيه الناس في القضايا الدينية والأخلاقية .
الشعر الجاهلي كان شعرا وثنيا في الكثير من الاحيان حيث كان يمجد آلهة واصناما شعر الشافعي يمتلك الابعاد الدينية والإسلامية ويحمل قيما اسلامية تعزز التقوى والاخلاق .
الشعر الجاهلي غالبا ما كان هذا الشعر طويلا وملحميا حيث يصف الاحداث والمشاعر بتفاصيل كثيرة شعر الشافعي اقصر ويعتمد على الخواطر والافكار الموجزة.
الشعر الجاهلي يعكس ثقافة الجاهلية والعرب قبل الاسلام ويحتفظ بقيمهم وتقاليدهم شعر الشافعي يمتزج بين العرب والاسلام ويشكل جزءا من التراث الثقافي الاسلامي .
الشعر الجاهلي يعتمد على القوافي لجعل الشعر سهل التذكر والتلاوة شعر الشافعي يمكن ان يحتوي على قوافي وليس دائما وليس هو التركيز الاساسي
الشعر الجاهلي كان له تأثير على قرارات القبائل والتحالفات القبلية والصراعات. شعر الشافعي كان له تأثير في فهم الفقه والاصول الدينية وتوجيه الناس نحو التدين.
الشعر الجاهلي يتأثر بالحياة الصحراوية والتقاليد القبلية شعر الشافعي ينشا في بيئة ثقافية متأثرة بالإسلام والمدنية.
الشعر الجاهلي في عديد من الاحيان يخلو عن المعاني البديعة وشعر الامام الشافعي تتنوع معانيه المبتكرة.
الشعر الجاهلي يتميز بوصف متقن والمعاني تتراءى منسجمة بين جميع الشعراء بينما شعر الشافعي يتسم بالوصف الدقيق ويحمل معاني مبدعة .
الشعر الجاهلي قصائده طويلة وشعر الشافعي مقطوعات وذلك بحكم البيئة والزمان.
الشعر الجاهلي يبدا بالتشبيب وبالتالي وصف الفرس والابل والاطلال والدمن البالية ثم يذكر هدفه بينما شعر الامام الشافعي يبدأ بذكر الهدف والغاية او التشبيه والاستعارة تمهيدا لما يتوخاه.
المصادر والمراجع:
- الامام الشافعي عبد الغني الدقر.
- سير اعلام النبلاء الذهبي.
- الامام الشافعي ومنهجه في التفسير.
- قصة المذهب الشافعي من التاسيس حتي الكمال.
- الامام الشافعي ومدرسته الفقهية.
- الصورة في شعر الامام الشافعي.
- مناقب الامام الشافعي الذهبي.
- الامام الشافعي واضع الأصول.
- الامام الشافعي حياته وفقهه.
- شعر الهذليين في العصرين الجاهلي والاسلامي.
- الامام الشافعي شاعرا.
- ديوان الامام الشافعي .
- السبع المعلقات.
- تاريخ العربي. جرجى زيدان.
- تاريخ الادب العربي احمد حسن الزيات.
- الصورة البيانية في شعر الامام علي والإمام الشافعي.
- دراسة فنية في شعر الامام الشافعي.
- كلام الامام الشافعي والاحتجاج به وجه من سعة العربية.
- عبقرية الامام الشافعي.
*********************************